أخبار وطنية الشعب التونسي واحد وليس اثنين!
في القرون الوسطى وفي بلدان أوروبا اشتعلت نيران الفتنة والخراب والمحاكمات والتعذيب والقتل والحروب الدّينية بعد ان أعلنت الكنيسة وأنصارها المدنيون انّ هناك كفارا بالنسبة للمسيحيّة فقتل عشرات الآلاف من الناس باسم الدين والمسيح حتى تحتم نضال المعتدلين وصمودهم وانتشار العلم ونور العقل ودولة القانون التي تفصل العقيدة عن الحياة السياسية وفرض احترام كرامة الانسان.. لكن في العالم العربي تحالفت النظم السياسيّة مع الأيمّة لتحافظ على الحكم ومنافعها فأصبحت الشّعوب تحت سيطرة نظم تيوقراطية متفاوتة الأحجام والنّفوذ..
وبتطوّر المجتمعات ظلّ العامل الديني هامّا وقد وظفه السياسيون او بعض الأحزاب الدّينية لتقسيم الشعب ما بين مسلم وعلماني.. ولقد جسد حزب النهضة في تونس هذه الفكرة لعله ينجح في الاقناع بأنّ شعب هذا البلد متكوّن من مسلمين وعلمانيين، وهذا التقسيم ليست له أية علاقة بالسياسة بل بالعقيدة لأن العلمانيين أصبحوا وكأنهم كفار في حين انهم يعقتدون ـ حتى وان كانوا مسلمين ـ انه يجب فصل الدين عن الدولة. تونس عاشت كوارث سياسية واجتماعيّة وارهابيّة بعد ان حكم البلاد مناصرو تصنيف الشعب إلى شعبين! فأكبر خطر علينا هو ان يقسم أي حزب وأيّ مسؤول سياسي الشعب الى طائفتين اثنتين، واحدة مسلمة وثانية غير مسلمة، فهذا التصنيف يزرع بذور الفتنة والطائفيّة.
أما التصنيف الثاني فقد أتى من حزب المؤتمر الذي حصل على 68.000 ألف صوت في الانتخابات التشريعية، وبمساندة النهضة حصل المرزوقي على 1.100.000 صوت تقريبا في الرئاسيّة ممّا جعله يتحدّث بغرور عن شعبين: شعب الرجعية و«أزلام النظام» السابق و«الشعب» الذي يسانده وهو الشعب «الديمقراطي» علما انّ المرزوقي تمّت مساندته أيضا من لجان حماية الثورة الفاشية والمتشدّدين الدينيين وحزب النهضة الذي وفّر له اكثر من 800.000 صوت.. وفضلا عن ذلك فقد استمعنا الى خطب تهدف الى اشعال نيران الفتنة والدّفع الى حرب أهلية عندما دعا بعض المجانين الى حرب بين شمال البلاد وجنوبها وكأنّهم يحرّضون الارهابيين وداعش على غزو جنوب البلاد ثم شنّ حملات ارهابية على الشمال!
ورغم كل هذه التهديدات ستبقى تونس بلدا واحدا وشعبا واحدا وان لم تحظ بعض الولايات ببرامج تنموية وصحّية وثقافية محترمة في الماضي:
انّ إثارة النعرات الجهوية أمر في منتهى الخطورة يستوجب رفع دعاوى قضائيّة ضدّ أي سياسي يحدث التفرقة بين أبناء الوطن الواحد.. فتونس ليست بالبلد «الزكيزوفراني» الذي له شخصيتان وشعبان، ثمّ انّ اختلافاتنا ثروة إذا قبلنا بالتعايش في كنف التناغم والاحترام المتبادل.